رواية مع وقف التنفيذ بقلم دعاء عبد الرحمن (كاملة)
فارس وهو يقص عليه ما حدث معه منذ أن دخل مكتبه أول مرة وطلب منه الدفاع عن ابنه هانى فى قضية القټل
كان يستمع إليه وهو محدق به تتسع عينيه شيئا فشيئا غير مصدق ما تسمعه أذنه حتى انتهى فارس قائلا
يعنى مش ابنك لوحده اللى اترمى فى السچن بسبب القضية دى .. أنا كمان اترميت ظلم وده الفرق بينى وبين ابنك
ضاقت عينيى الرجل وهو يقول بذهول
أومأ فارس برأسه وقال بأسى
أيوا مراتى ووائل
صاح الرجل باڼهيار
يعنى مراتك تتمتع بالفلوس وانا ابنى يتعدم واخسره
رفع فارس رأسه إليه وقال بجدية
ومين قالك انها هتتمتع بالفلوس .. دى زورت أوراق رسمية يعنى هتتحبس هى واللى ساعدها
ډفن وجهه بين كفيه وهو يبكى هاتفا
مال فارس للأمام وقال بهدوء
الحكم ده مش نهائى .. ده غير ان المحكمة هتراعى انه اعترف على نفسه
رفع رأسه ونظر إليه وهو يضرب كفيه بحسرة
يعنى كل التعب اللى تعبت فيه ده كله وانا بربيه وبكبره وبصرف عليه وبعمله اللى هو عايزة وفى الاخر ياخد مؤبد ولا أعدام .. ليه كده يا هانى انا قصرت معاك فأيه يابنى
التربية مش معناها انك تديله فلوس وتخليه مش عاوز حاجة .. أنت كنت مخصصله شقة بتاعته من غير رقيب ولا حسيب على تصرفاته .. أنت اديته فى أيده الأداه اللى دمر بيها نفسه وانت فاكر انك بتسعده
مسح الرجل دموعه وهو يقول بحزن
ربت فارس على كتفه وقال
الحلال والحرام مفيهوش راجل وست .. كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.. أنت لو كنت ربيته على الحلال والحرام كنت كسبت راجل فى ضهرك دلوقتى يقف جنبك ويساندك..
نهض الرجل بتثاقل وقد شعر أن جبلا قد وضع على ظهره فلم يعد يحتمله وقال بوهن
متشكر يا دكتور فارس .. بس انا فوقت متأخر أوى بعد ما ابنى ضاع مني وماليش حيلة خلاص
متقلقش زى ما قالك فارس الحكم مش نهائى
أومأ الرجل برأسه حزنا وهو يشعر بالضياع .. لم تنفعه أمواله فى أن ينشىء رجلا حقيقيا يعتمد عليه فى مراحل عمره المتقدمة ومرضه الذى بدأ يزحف إليه رويدا رويدا .
بعد خروج الرجل من مكتبه أخرج فارس جواب استدعاء من النيابة وقدمه للدكتور حمدى قائلا
ده كان متوقع يا فارس طبعا .. متنساش أن أسمك فى التوكيل أول أسم ..
مط شفتيه
قائلا
عموما متقلقش فى أكتر من اثبات أنك مكنتش شغال القضية دى
تنهد فارس بعمق وقال
أنا مش قلقان يا دكتور .. أنا عارف انى هطلع منها بسهولة ان شاء الله .. أنا هروح بكره واحط أقوالى وربنا ييسر الأمر والموضوع يخلص على كده
نظر له الدكتور حمدى بإشفاق قائلا
معلش يا فارس أنا عارف أن اللى حصل مش سهل عليك وصدمتك فى مراتك مش قليلة بس انت قدها وهتتجاوز الأزمة دى بسرعة زى عادتك دايما ..
ثم ابتسم قائلا
وبعدين عندى ليك خبر حلو هينسيك كل ده
نظر فارس إليه بفضول فقال حمدى على الفور بمرح
هو انت يابنى مش معاك الدكتوراة ولا أيه
أومأ فارس برأسه وهو ينظر إليه بفضول كبير فأردف الدكتور حمدى قائلا
طب استعد بقى علشان تستلم شغلك فى الجامعة يا دكتور
حدق فارس به غير مصدق وعلى وجهه ابتسامة وقال بسرعة
بجد يا دكتور
أبتسم الدكتور حمدى وقال بخشوع
ربنا كبير أوى يا فارس
كانت عبير تضع الأطباق على المائدة وقد ارتسمت ابتسامة رضى على شفتيها ثم ضحكت ضحكة صغيرة وهى ترى بلال يمرح مع الأولاد ويداعبهم ويقوم بتعليمهم الملاكمة وهم يتدربون فيه فمنهم من يلكمه فى معدته ومنهم يلكمه فى وجهه ومنهم من يقفز على ظهره ويلكمه فى ساعديه وهو ېصرخ بمرح ويصيح
ألحقينى يا عبير ولادك هيموتونى
ضحكت وهى تقول
أحسن ..أنت اللى علمتهم
ثم صفقت بيدها وهى تقول للأولاد
يالا يا ولاد أدخلوا صحوا تيتة علشان نتغدى سوا
ولكنهم لم يعبأوا ظلوا يلكمونه ويضربونه ولكنه استطاع أن يفلت منهم جميعا ويهرول بأتجاه عبير وهو يصيح بمرح
ألحقونى هيموتونى
وهم يهرولون خلفه ويضحكون بشدة .. وهو يحتمى بجسدها منهم وكلما جاؤه عن يمينه أدارها ناحية اليمين واذا جاؤه عن شماله أدارها باتجاههم وكأنها دمية يلعب بها وهى تضحك ولا تستطيع الفكاك من ذراعيه المحيطة بها .. خرجت أم بلال من غرفتها على أصوات الضحك ونظرت إلي بلال محدقة به وهو والأولاد يضحكون وهى تضحك ..
نظر بلال