رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق
بالمقبض في حذر وتطلعت له خلسة من الخارج فرأته يقف وينحنى على الأدراج يضع بعض الأوراق الخاصة بعمله بها تابعته بعيناها لدقيقة تماما حتى وجدته يغلقهم وينتصب في وقفته مستندا لمغادرة الغرفة فتركت المقبض وتراجعت للخلف مسرعة تركض على أطراف اصابعها نحو الغرفة دخلت وأغلقت الباب بالمفتاح من الداخل ووقفت خلفه تنتظر وصوله وبالفعل أقل من خمس دقائق سمعت صوت خطواته تقترب من الغرفة وحين أمسك بالمقبض واداره حتى يفتحه لم يفتح ظل يعيد الكرة أكثر من مرة ظنا منه أن قفل الباب تعطل حتى أتاه صوتها من الداخل وهي تقول
اتسعت عيناه بريبة وهيمن عليه الصمت للحظات حتى رد عليها بعدم فهم
_ نعم !!!
جلنار بابتسامة متشفية وبحدة تخرجها باحترافية في صوتها الناعم
_ زي ما سمعت مش هتقعد معايا في نفس الأوضة ياعدنان روح نام في أي أوضة تاني أو نام على الكنبة برا
_ افتحي الباب ياجلنار وبلاش شغل الأطفال ده
صاحت به من الداخل پغضب
_ شغل أطفال !!!
عدنان بنبرة محذرة وهو يصر على اسنانه بغيظ
_ افتحي ومتخلنيش اعلي صوتي والبنت نايمة في الأوضة اللي جمبنا
جلنار ببرود مقصود وهي تضحك بتشفي دون أن يراها
ضړب بقبضة يده القوية على الباب يهتف باسمها مصحوبا بزمجرته
_ جلنار
فزعت قليلا من ضړبته لكنها لم تبالي وقالت هذه المرة پغضب حقيقي متخلية عن برودها
_ من هنا ورايح مش هتنام معايا في أوضة واحدة ياعدنان إنت في أوضة وأنا في أوضة كفاية أوي لغاية كدا
_ هو إيه ده اللي كفاية افتحى الزفت ده بدل ما اكسره فوق دماغك
جلنار بإصرار وعناد
_ مش هفتح واللي عايزه اعمله
كور قبضة يده ورفعها لأعلى في حركة تلقائية كمحاولة
شبه بائسة
لتمالك انفعالاته ثم رد عليه كاظما غيظه بصعوبة
سمعت صوت خطواته وهي تبتعد عن الغرفة فابتسمت بخبث ثم أصدرت تنهيدة طويلة واتجهت إلى الفراش لتتسطح فوقه وتتدثر بالغطاء مستعدة للنوم
في صباح اليوم التالي
توقفت مهرة أمام مقر الشركة ترفع نظرها لطول ارتفاع البناء وهي تطلق تنهيدة طويلة وصلها الرد بالأمس وحصلت على الموافقة في العمل وهاهي في أول يوم لها الآن
أخذت تسير في فناء الشركة الواسع من الداخل حتى وصلت للمصعد الكهربائي وقفت تنتظر المصعد وكان يقف بجوارها آدم الذي لم تلاحظه حين الټفت هو للجانب برأسه ورآها امعن النظر بها للحظة مبتسما قبل أن يعود برأسه لوضعها الطبيعي ويتمتم بجدية بسيطة وهو يتفقد ساعة يده
_ الساعة 9 وربع والمفروض تكوني هنا 9
نظرت له مدهوشة تتساءل متى جاء هذا ! فابتسمت بلطافة وغمغمت معتذرة
_ أسفة الطريق كان زحمة شوية بس مش هتتكرر تاني
رمقها بطرف عيناه بنظرة غريبة لم تكن صارمة لكنها مريبة حتى انفتح باب المصعد فظلت هي واقفة تنتظر أن يدخل هو
أولا فوجدته يتنحى جانبا ويبسط يده تجاه المصعد يشير لها بأن
تدخل فابتسمت له بطريقتها المرحة المعتادة ودخلت أولا ثم هو بعدها
تابعته وهو يضغط على رقم الطابق فانحنت عليه بعفوية تهمس في قلق ملحوظ
_ هو الاسانسير ده آمان
الټفت لها برأسه وهدر بتعجب
_ آمان إزاي يعني !
هدرت بسرعة تشرح له مقصدها
_ أصل أنا ركبت اسانسير في مرة وعطل بيا وكنت وحدي ومحدش حس بيا غير بعدها بساعتين بس الحمدلله اليوم ده كنت جاية من فرح وكنت مشترية أكل كتير وحلويات فضلت اتسلى عليهم وانا محپوسة لولا كدا كانوا دخلوا لقوني انتقلت لرحمة الله من الخۏف بس تع
كتم على فمها بيده وهتف بحدة وانفعال بسيط
_ هشششش ايه راديو !! أنا مالي إنتي هتحكيلي قصة حياتك
تطلعت إليه بعينان مضطربة قليلا وانزلت يده تبتسم ببلاهة مغمغمة
_ على فكرة لسا التشويق جاي أنا محكتلكش لما اشتغل حصل إيه
_ مش عايز اعرف يامهرة
زمت شفتيها بقرف وردت عليه متذمرة
_ دي مش اخلاق مديرين على فكرة
لم يعطيها اهتمام وتجاهلها بينما هي فانتبهت للجاكت الذي يرتديه وسرعان ما هدرت بعفوية
_ بس حلو الجاكت الجلد ده تعرف أنا كان معايا واحد زيه بس اااا
آدم بغيظ من ثرثرتها الكثيرة
_ مهرة
ابتلعت بقية الكلمات في جوفها ومطت شفتيها بيأس ومضض ثم اشاحت بوجهها للجانب الآخر وهي تتمتم بصوت غير مسموع
_ عدو البهجة بس يلا هستحمله عشان وسامته
بينما آدم فتأفف بعدم حيلة مغمغما بينه وبين نفسه
_ أنا اللي جبته لنفسي والله
انفتح