الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق

انت في الصفحة 203 من 324 صفحات

موقع أيام نيوز


تسرد له كل شيء عنها وكيف أنها مازالت حتى الآن ترفض التحدث ولا تأكل سوى بعض اللقيمات الصغيرة من الطعام حين تصر عليها أمها 
كان قلبه ېتمزق لأشلاء عليها يحاول بكل الطرق الممكنة أن يخرجها من تلك الحالة ويعيدها كالسابق ليرى ابتسامتها البريئة ترتفع فوق وجهها من جديد لكنها لا تسمح له بالاقتراب منها حتى وكلما يدخل إليها إما تتصنع النوم أو تنام فوق فراشها وتوليه ظهرها وتبكي خلف أنظاره بصمت 

تركته ميرفت وقررت بأن تدخل إليها وتحاول التحدث معها علها تتكلم وتفرغ عن نفسها المتحجرة بالآلآم فتحت الباب ببطء ثم دخلت واغلقته وقادت خطواتها بتريث تجاهها لتجلس بجوارها على الفراش وتمد كفها تملس فوق شعرها بحنو هامسة في أسى وصوت مبحوح _ 
_ كفاية يازينة ياحبيبتي اتكلمي يابنتي وخليني اسمع صوتك حالتك ده بتقطع قلبي أنا مش بعرف انام الليل من كتر حزني وقلقي عليكي احمدي ربنا إنه نجدك منه وحماكي ده ميستهلش تعملي في نفسك كدا عشانه بالعكس إنتي اقوى من إن رياح عابرة تهزك 
مالت برأسها للجانب ناحية أمها وحدقتها بعينان دامعة وموجوعة للحظات طويلة تجاهد لتستمر في الصمت لكنها لم تعد تحتمل الكتمان أكثر حيث اڼفجرت باكية بحړقة وبصوت مرتفع وصل لأذن هشام بالخارج مما دفعه لا إراديا أن يهب واقفا ويتجه إلى غرفتها لم يدخل ولكنه وقف من الخارج يستمع أخيرا لصوتها وهي تهتف پبكاء حار _ 
_ عمل فيا كدا ليه ياماما أنا عملتله إيه عشان يأذيني بالشكل ده !! 
ارتمت على صدر أمها واستمرت في البكاء العالي وجسدها ينتفض پعنف من شدة البكاء بينما ميرفت فضمتها إليها أكثر وقد تلألأت الدموع في عيناها هي الأخرى وسرعان ما انهمرت فوق وجنتيها حين سمعتها تستكمل بصوت مرتعش ومتقطع _ 
_
ليه يخدعني بعد ما كنت خلاص قربت احبه صدقته وصدقت إن بيحبني بجد وعايزني بس كل ده طلع كڈبة ولعبة كان بيتسلي بمشاعري ميعرفش إن قلبي مېت وكان محتاج اللي يحييه
من جديد مش يدفنه
تمتمت ميرفت بصوت ممزوج ببحة البكاء على حالة ابنتها ووحيدتها _ 
_ ربنا شايلك الأفضل والاحسن منه يابنتي ده اختبار من ربنا وكلنا لازم نمر بالاختبارات دي ونكون أقوياء ونحمد ربنا في الخير والشړ محدش يعلم اللي في الغيب غير ربنا وإنتي متعرفيش الأيام الجاية مخبيالك إيه عشان كدا خليكي قوية وتخطي الاختبار ده ياحبيبتي
رفعت رأسها عن صدر والدتها وحدقتها بعينان منكسرة وعاجزة تهتف وجسدها تجتاحه نقضة عڼيفة تهزها كلها بقوة _ 
_ هو أنا ليه حظي وحش كدا ياماما قلبي مكتوب عليه العڈاب والۏجع بقيت متأكدة إني مليش نصيب من السعادة اللي بشوفها وبتمناها كل ما اقف على رجلي واقرر اعافر الدنيا بتديني ضړبة اقوي من اللي قبلها تنزلني سابع أرض
ميرفت برزانة وحنان _ 
_ ربنا مش بيدي حد فوق طاقته وانتي قوية ومش كل حاجة هتقدر تهزك واعتبري الضربات دي خبرات وفرص الدنيا بتمنحهالك عشان تتعملي منها وتقويكي اكتر وصدقيني ربنا هيعوضك ياحبيبتي
أحست بالتحسن بعد بكائها وتحدثها مع أمها وكأنها أزاحت ثقلا من فوق صدرها حتى أن كلماتها كان لها أثر سحري في الرضا والسلام النفسي لكن سرعان ما عبس وجهها من جديد حين تذكرت هشام وجففت دموعها تجيب على أمها بأسى وانسكار _ 
_ أنا حتى هشام مش قادرة ابص في وشه كل ما افتكر إنه شافني في الحالة دي مش بستحمل وانهار مبقيش عندي الجراءة
إني ارفع عيني في عينه ياماما
ابتسمت لها ميرفت وملست على شعرها بلطف متمتمة _
_ هشام قلقان وخاېف عليكي زي واكتر كمان يازينة ومش انا اللي كنت بقول عليه أنه أخ وصديق ليكي ده إنتي اللي كنتي بتعتبريه كدا ولولاه الله اعلم كان ممكن الحيوان ده يأذيكي ازاي
هزت رأسها مؤيدة كلام والدتها وتهمس في صوت يكاد يخرج بصعوبة _ 
_ عارفة ياماما عارفة
نالت الابتسامة المنطفئة والمستنكرة من ثغره أخيرا بالخارج بعدما سمع ما قالته هل كانت تتهرب منه لهذا السبب يالها من ساذجة فلو عرفت بالألم الذي كان يضرب بقلبه ويفتته لأجزاء كلما تبعده عنها وتظهر له عدم رغبتها بوجوده لكانت لعنت نفسها ألف مرة ! 
داخل منزل عدنان الشافعي 
عاد للمنزل بالمساء مبكرا على غير العادة وكانت صغيرته لا تزال مستيقظة حتى الآن وفور رؤيتها لعودة أبيها المبكرة اخذت تقفز فرحا وسعادة ليضحك هو ويحملها ثم يليقها فوق الأريكة ويبدأ بمداعبتها ودغدغتها وسط ضحكهم ونظراته الدافئة ! 
بعد دقائق من المشاكسة مع ابنته اتجه إلى غرفته بالأعلى وكانت جلنار تقوم بترتيب الخزانة وتتحرك في الغرفة بكل نعومة ورقة دون أن تصدر أي صوت ولكنها انتفضت فزعا حين شعرت به خلفها والتفتت بسرعة إليه تهتف في دهشة _
_ إنت جيت بدري أوي كدا ليه !! 
عدنان مداعبا _ 
_ إيه إنتي مش عايزاني ولا إيه يارمانة !
_ لا
 

202  203  204 

انت في الصفحة 203 من 324 صفحات