رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق
بينهم مساحة واسعة تتسع لشخص ثالث وهي توليه ظهرها فأصدر زفيرا حارا بعدم حيلة وخنق
_ متدنيش ضهرك يا رمانتي !!
بقت صامدة ولم تضعف أمامه حيث لم تلتفت إليه حتى سمعت همسته شبه الراجية _
_ جلنار !!
التفتت إليه لا إراديا بعد همسته وطالعته بعيناها الساحرة ليغرق هو بتعوذيتها السحرية ويستمر في التمعن بها بغرام قبل أن يميل أكثر ويهمس كالمغيب _
لم تجيب واستمعت إلى متابعته في الكلام وهو يتمتم بهيام وهو يبتسم _
_ أسمهان هانم بجبروتها مكنتش بتقدر تتحكم فيا ولا تمشي كلامها عليا بس للأسف إنتي بتعرفي
لاحت شبه ابتسامة خاڤتة فوق ثغرها تجيبه في أمل _
_ يعني موافق خلاص !
اتسعت ابتسامته وحدقها مطولا قبل أن يطبع قبلة عميقة فوق وجنتها ويهمس
_ لا
اختفت بسمتها فورا ودفعته بعيدا عنها وهي ترمقه شزرا وقبل أن يهتف ضاحكا كان طرق الباب يرتفع ويأتي صوت هنا من الخارج تهتف _
_ مامي
اجابتها جلنار مسرعة وكأنها وجدت الفرصة لټحرق دمائه _
_ ادخلي يا روحي
فتحت الباب ودخلت تسير تجاه فراش والديها وتفرك عيناها بنعاس وخمول شديد لتهتف في عبوس _
ابتسمت جلنار بلؤم وانحنت على صغيرتها تحملها وتضعها بالمنتصف بينهم هاتفة وهي تلثم وجنتيها بحنو _
_ تاني جمبنا يا حبيبتي أنا وبابي
_ نامي يا ملاك بابي
ابتسمت لهم جلنار بحب قبل أن تضع رأسها فوق الوسادة وتغمض عيناها حتى تخلد للنوم ودقائق معدودة كانت هي والصغيرة يسبحون في ثبات عميق أما هو فالنوم لم يجد لعيناه طريقا وبقى يحدق بالفراغ في جمود وعقله يستمر في التفكير بكل شيء ليستقر عقله في الأخير على رمانته فيميل برأسه تجاهها وتطول نظراته إليها تلك النظرات كانت مختلفة تماما عن المرات السابقة امتزجت ما بين الندم والألم والاعتذار والعشق والوعود !!
قد تكون حقيقة وصلت إليه بوقت متأخر لكن الظروف والأيام جعلته يدرك أن امرأة العقاپ الحقيقية هي زهرته الحمراء ولن يكون غيرها !
_ الفصل الرابع والأربعون _
الجزء الثاني
في الهواء الطلق والظلام الذي يملأ كل مكان من حوله كان هو جالسا فوق المقعد العريض بالحديقة وعيناه عالقة على زجاج نافذة غرفتها بالأعلى الألم يأكل في قلبه دون رحمة بيوم وليلة تبدلت حياتهم السعيدة والهادئة إلى أخرى ممتلئة بالڠضب والقسۏة وأكثر ما يؤرقه اتهاماتها السخيفة له ! هل سنين صداقتهم وعلاقتهم القوية ببعضهم لم تشفع له عندها حتى تظن به السوء !
استقام واقفا بعد دقائق وسار لداخل المنزل ثم صعد الدرج متجها إلى غرفته لكن قدماه توقفت لا إراديا أثناء مروره من أمام غرفتها عاند قلبه المشتاق وحاول تجاهله لكنه لم يقوى على
الصمود أمام أشواقه حيث أطلق زفيرا منخفضا مغلوبا وتحرك بهدوء نحو غرفتها ليقف أمام الباب لبرهة من الوقت قبل أن يحسم قراره ويمد يده ليمسك بالمقبض ويديره ثم يدفع الباب برفق شديد ويدخل ويغلقه خلفه
تسمر عند الباب عندما رآها نائمة في فراشها وترتدي ثوب قصير وردي اللون
بحمالات رفيعة ولا تضع الغطاء فوق جسدها اشاح بنظره عنها مسرعا خشية من أن يفقد زمام تحكمه بنفسه
حتى في غضبهم لا يتمكن من مقاومتها !!
اقترب منها بتريث لكي لا تستيقظ وجثى أمام الفراش يجلس القرفصاء يتطلعها بضيق ثم انحنى عليها وطبع قبلة رقيقة فوق جبهتها هامسا بصوت مهموم _
_ مكنتش اتوقع اسمع منك الكلام ده إنتي اكتر حد كنت بقول
إنك فهماني وبتفهميني من غير ما اتكلم حتى يا نادين بس اتضح إني غلطان كلامك كان قاسې أوي وجرحني
اخذ نفسا عميقا بعد لحظات طويلة من الصمت وهو يتمعنها ثم هب شبه واقفا ومال عليها يمد يده ليلتقط الغطاء ويرفعه فوق جسدها ليدثرها وبتلقائية رغم انزعاجه منها يبتسم ويقول برغبة _
_ ربنا يسامحه خالك اللي مش عايز يجي ده عشان نعمل الفرح وارتاح بدل العڈاب اللي أنا فيه ده
وكأن عقلها ارسل لها إشارات أثناء نومها بوجود أحد معها حيث فتحت عيناها فجأة بعفوية لتنطلق منها صړخة مرتفعة فور رؤيتها له اسرع هو وكتم على فمها بقبضة يده العريضة يحدقها منذرا بعينان متسعة