الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق

انت في الصفحة 254 من 324 صفحات

موقع أيام نيوز


مش وقته يا عدنان تعالى وهفهمك كل حاجة لما توصل أنا في المستشفى معاه دلوقتي
لم يجيبه وانزل الهاتف والقى به فوق الفراش ليندفع نحو الحمام مهرولا لكن جلنار قبضت على ذراعه وسألته بفزع 
_ مين في المستشفى ياعدنان ! 
_ آدم جهزي الشنط والبسي إنتي وهنا فورا عشان هنرجع دلوقتي

شعرت بوغزة ألم وخوف عندما سمعت اسمه و استحوذت عليها صډمتها لبرهة حيث بقت متسمرة بأرضها لدقيقتين كاملتين حتى بالأخير استعادت وعيها واندفعت إلى الخزانة وجذبت الحقيبة تضعها فوق الفراش ثم تخرج الملابس من الخزانة وتضعها في الحقيبة بعشوائية وعدم تنظيم أما ذلك العضو الذي في يسارها فلا يتوقف عن الدق پعنف من فرط القلق والهلع
!! 
اقترب نشأت بخطواته من تلك المسكينة المنزوية في أحد الأركان بمفردها وترفع كفيها أمام أنظارها تتطلع بيديها المتلطخة بدمائه وتبكي بحړقة !! 
جلس بجوارها وهمس في خفوت ونظرة مشفقة عليها 
_ قومي يابنتي اغسلي ايدك ووشك متقلقيش إن شاء الله هيطلع بالسلامة 
تطلعت مهرة بنشأت رغم أنها لا تعرفه لكنها رمقته بوهن وقالت پبكاء 
_ هو جوا دلوقتي بسببي لو حصله حاجة مش هسامح نفسي أبدا مش هقدر اخسره كمان زي ماما وبابا
رفع كفه ورتب على كتفها بلطف متمتما في صوت رزين 
_ ادعيله وبإذن الله هيطلع من العمليات ويرجع زي الأول واحسن 
تطلعت في يديها بعدم وعي وراحت تبكي بشدة وتقول 
_ قولتله يبعد عني مسمعش كلامي أنا كنت حاسة أنه هيتأذي بسببي عشان كدا كنت ببعده أسمهان مش هي وحدها السبب
ضيق عيناه بحيرة فور سماعه لاسم أسمهان وكان سيهم بطرح سؤاله لكنه لمح أسمهان تهرول من بداية ردهة الطابق بهلع ودموعها تملأ وجهها كله استقام واقفا وتقدم لها حتى وصل لها فوجدها تردف بړعب غير طبيعي وبكاء حار 
_ ابني يا نشأت ابني جراله إيه أنا عايزة اشوفه واطمن عليه
امسكها من ذراعيها ليهدأها وينظر في عيناها بقوة هاتفا 
_ اهدي يا أسمهان مينفعش تشوفيه هو في العمليات دلوقتي
كأنها لم تسمع كلمة واحدة مما تفوه به حيث حاولت إبعاده عنها وصاحت باكية 
_ أنا لازم اشوفه مين اللي عمل فيه كدا 
ابني
لو جرالته حاجة مش هقدر اعيش من غيره
جذبها بقوة حتى تقف وتستوعب ما يقوله حيث هدر بلهجة مرتفعة نسبيا 
_ هيبقى كويس يا أسمهان اهدي مينفعش كدا خليكي قوية وان شاء الله هيقوم بالسلامة 
نبرته ايقظتها قليلا لكن نظراتها لا تزال تائهة فقالت پألم وصوت مرتجف 
_ أنا مليش غيره هو وعدنان أنا عايزة اشوف ابني يا نشأت ابوس إيدك خليني اشوفه 
لانت حدة نبرته وظهر الدفء في نظراته مشفقا عليها ليملس فوق ذراعها بحنو ويهمس 
_ اخليكي تشوفيه إزاي بس مينفعش استهدي بالله وادعيله هو اكتر حاجة محتاجها دلوقتي الدعاء
لا تتوقف عيناها عن ذرف الدموع بغزارة وعلى حين غرة ارتمت بين ذراعيه تبكي بنحيب مرتفع وسط همسها 
_ يارب يارب احفظ لي ابني 
كان عدنان بالسيارة أمام مقر المستشفى بالقاهرة ونزل ليقود خطواته شبه ركضا للداخل ولحقت به جلنار وهي ممسكة بيد صغيرتها
معها التي تستمر بطرح الأسئلة على أمها في خوف من الأجواء المشحونة بالتوتر وحالة والدها الغريبة !! 
انتبهت أسمهان لابنها وهو يهرول باتجاههم فهبت واقفا وفور وصوله عانقته بقوة تهتف بصوت مرتجف 
_ آدم لغاية دلوقتي مطلعش من العمليات يا عدنان ابني بيضيع مني 
اتسعت عيناه پصدمة وراح يتجول بنظره بينها وبين نشأت ثم قال 
_ ازاي مطلعش لغاية دلوقتي ده ليه اكتر من أربع ساعات 
ازداد نحيبها وبكائها أكثر بين ذراعيه ليضمها إليه أكثر ويتمتم في حنو وثبات مزيف 
_ اهدي ياماما اهدي ان شاء الله خير ويطلع الدكتور دلوقتي يطمنا عليه
كانت نظرات جلنار عالقة عليهم تقف بسكون وعيناها دون سبب فقط لرؤيتها الجميع يبكي !! 
ابتعد نشأت عن ابنته حين أشار له عدنان أن يأتي معه ليتحدثوا بعيدا عن مسامعهم بينما جلنار فبقت واقفة تتطلع بأسمهان بتدقيق ولوهلة شعرت بالإشفاق عليها فهي أيضا أم وتدرك جيدا حجم ألمها الآن ! حثتها عاطفتها الامومية على مواساتها فاقتربت وجلست بجوارها ثم رفعت كفها وملست على كتفها برفق هامسة 
_ هيبقى كويس أنا واثقة متقلقيش 
اطالت أسمهان النظر إليها بصمت في وجه خالي من المشاعر ثم ابعدت يدها عنها وردت بخنق 
_ متشكرة على اهتمامك يابنت الرازي 
لوت جلنار فمها بعدم حيلة ومالت برأسها للجهة الأخرى تقول في ابتسامة ساخرة 
_ مفيش فايدة يا أسمهان الحق عليا إني حاولت اواسيكي واهديكي شوية قولت اكون أنا اللي احسن منك رغم كل اللي عملتيه معايا 
التهبت نظرات أسمهان وقال پغضب وعين
حمراء من فرط البكاء 
_ وتواسيني ليه أنا ابني كويس وهيطلع بالسلامة وزي الفل اجلي المواساة وسبيها عليا أنا لما اخلص عدنان منك سعتها أنا اللي هواسيكي
استقامت جلنار واقفة وطالعتها مشفقة وباستنكار تقول 
_ أنا حقيقي بشفق عليكي إنتي لا يمكن تكوني طبيعية !
ابتعدت عنها وقادت خطواتها تجاه الحمام وفور دخولها تركت العنان لدموعها
 

253  254  255 

انت في الصفحة 254 من 324 صفحات