رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق
برأسه مغمغما
_ تمام
ثم تابعها بنفس ابتسامته وهي تلملم الأوراق وتندفع لخارج المكتب مسرعة فور مغادرتها زدات ابتسامته اتساعا بتلقائية وهو يعلق نظره على أثرها بشرود
أمسكت زينة بالهاتف تجيب على المتصل في صوت مرهق
_ أيوة يا رائد
رائد باستغراب
_ برن عليكي من الصبح بدري مش بتردي ليه !
_ نزلت أنا وماما وسمر نشتري حجات عشان الخطوبة والتليفون كان في الشنطة ومسمعتهوش
_ طيب إنتي مال صوتك كدا !
زينة بخفوت وهي تلقي بجسدها على الفراش وتجيبه وهي مغمضة عيناها بتذمر طفولي
_ اتهلكت في اللف يا رائد وتعبت أوي وماما بتدقق في كل تفصيلة وأنا بكره التفاصيل والصداع هيفرتك راسي
_ معلش يازوزوا ماهو عشانا حتى أنا مشغول جدا بس خلاص فاضل يومين الحمدلله وفي علاج بجيبه للصداع هبعتلك اسمه في
رسالة جبيه وهيخفف معاكي خالص
زينة بصوت يغلب عليه النعاس
_ حاضر أنا هقفل بقى يا رائد عشان ممكن لحظة وتلاقيني نمت وتفضل تكلم نفسك في التلفون
_ طيب ياحبيبتي ارتاحي ونامي وشوية بليل كدا هبقى اكلمك تاني
_ تمام سلام
ودعها والغى الاتصال ثم ألقي بالهاتف بجواره دخلت أمه الغرفة واقتربت منه تهتف بتساءل
_ كنت بتكلم زينة ولا إيه يا رائد
_ أيوة ياماما
هزت رأسها بإيجاب ثم رتبت على كتفه وتمتمت باسمة بحنو
_ ربنا يصلح حالك يابني وتهدى شوية على حس الخطوبة والجواز بدل ما إنت تاعبنا معاك أنا وأبوك
_ إن شاء الله ياماما بلاش اسطوانة كل يوم دي بقى
نرمين بعدم حيلة
_ طيب يلا غير هدومك وتعالى عشان الغدا جهز
_ حاضر
داخل إحدى المستشفيات الخاصة
متسطحة على فراش صغير نسبيا يتسع لجسدها الضئيل ونائمة وهو يجلس على مقعد أمام فراشها لكن على مسافة بعيدة قليلا منها ويمعن النظر في وجهها الملائكي الهاديء وهي نائمة على العكس تماما عندما تكون مستيقظة وكأن تلك الفتاة الشرسة والمچنونة أصبحت أخرى وهي نائمة
على المقعد فزعت وهتفت بهلع
_ سلام قولا من رب رحيم
رد عليها ببرود
_ إيه شوفتي عفريت
مهرة وهي تتلفت حولها بارتيعاد بسيط
_ أيوة أنا فين وإنت بتعمل إيه هنا !
_وسهيلة فين !
_ طلعت برا تكلم جدتك تقريبا لأنها مبطلتش رن عليكي
سكتت لوهلة تمنع نفسها من تذكر الأحداث الأخيرة حتى لا ټنهار مرة أخرى واعتدلت في الفراش وانزلت قدمها منه تهم بالقيام وهي تقول
_ أنا لازم اروح تيتا مش هترتاح غير لما تشوفني
أمسك بيدها في تلقائية حتى يمنعها من الوقوف وهتف
_ هتمشي بس اصبري ترتاحي شوية عشان متشوفكيش بالمنظر ده
نفرت يدها عن لمسته بسرعة في زعر وارتيعاد لاحظه في نظرتها فسحب هو يده فورا وهتف معتذرا
_ أنا آسف مقصدش والله إنتي كويسة
انتصبت في جلستها بشموخ وردت بثبات مزيف وقوة متصنعة
_ كويسة معاش ولا كان اللي يعرف يأذيني بس ورحمة أمي ما هسكت عن حقي
_ أنا بلغت البوليس وكلها كام ساعة وهيجبوه والست اللي من منطقتكم دي ابقى اتصرفي إنتي معاها بقى
لمعت عيناها بشړ الاڼتقام عندما تذكرها لبدرية وقال بوعيد
_ ده أنا هخليها تقول حقي برقبتي وهعرفها مين بنت رمضان الأحمدي على حق
سكتت فجأة وانتبهت أنها تتحدث مع نفس ذلك الذي كانت تبحث عن اسمه في مواقع التواصل وتشاهد صوره فطالعته بعدم فهم ودهشة متمتمة
_ إنت
بتعمل إيه هنا !!
ضحك رغما عنه وهتف بنفاذ صبر
_ إنتي بتفقدي الذاكرة ولا إيه ! أنا اللي جبتك المستشفى يامهرة
_ ايه ده يا حلاوة وعارف اسمي كمان ! اعترف إنت طلعت معجب وبتراقبني في صمت صح !
رمقها آدم بذهول وعدم فهم مضيقا عيناه في حيرة من تلك الفتاة لكنه لم يتمكن من منع ضحكته التي انطلقت وهو يجيبها مستنكرا
_ معجب إيه إنتي هبلة يابنتي بعدين إنتي مش كنتي لسا مڼهارة وبتعيطي قبل ما نجيبك المستشفى لحقتي ترجعي لطبيعتك امتى
ظهر العبوس والأسى على محياها ثم اطرقت رأسها أرضا وغمغمت
_ بيني وبينك أنا بحاول اتناسي اللي حصل يعني بمثل قدامك بس اقنعتك مش كدا !
_ اه اقنعتيني ده إنتي بني آدمة غريبة !
_ غريبة بس قمر
ضړب كف على كف ضاحكا وهو يهتف
_ لا إنتي لا يمكن تكوني طبيعية كرني ليه قولتلك بحاول اكون طبيعية وانسي اللي حصل عشان لو افتكرت هيحصل زي ما حصل قبل ما يغمى عليا وعشان كمان مينفعش ارجع لجدتي وأنا
كدا لو عرفت ممكن يجرالها حاجة وبعدين إنت لسا متعرفنيش عشان كدا مستغرب محدش يقدر يكسرني
وهاخد حقي منهم تالت ومتلت
طال النظر إليها في نظرة إعجاب بشجاعتها قوتها ثم هتف باسما
_ إنتي بلاء ونزل فوق راسي يامهرة كل ما اشوفك تكون في مصېبة اول مرة تلفوني وتاني مرة كنت هخبط جدتك