رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق
وهبطت الدرج بقوة وثبات يليق بها حتى لو كان مصطنعا لكنها لن تسمح بالظهور أمامه ضعيفة بعد الآن توقفا الاثنين عن الكلام فور رؤيتهم لها تنزل الدرج وتقترب منهم بمعالم وجه ليست طبيعية أبدا جلست فوق المقعد المجاور لفاطمة وغمغمت بخفوت دون أن تعيره ادني اهتمام
صباح الخير ياخالة
صباح النور ياحبيبتي
باشرت في تناول طعامها حتى سمعت صوت حاتم العابث
مفيش صباح الخير ياحاتم كمان ولا إيه !
أجابت ببرود دون أن تنظر له
معلش ما اخدت بالي منك
سكت للحظات يحدق بها وبملامحها في تدقيق واستغراب حتى أكمل عبثه بلهجة أكثر مرحا كنوع من تلطيف الجو
تجاهلته كأنها لم تسمعه من الأساس وتابعت أكلها ببرود مثير للأعصاب بينما هو فتلاشت ابتسامته تدريجيا من فوق شفتيه وهتف
نادين !
للمرة الثانية تتجاهله عمدا وهو لا يدري السبب وهذا ما أثار جنونه حيث عاد يردف بصوت رجولي غليظ
نادين أنا بكلمك !!!
كملوا اكلكم ياولاد مش وقت الكلام دلوقتي ما إنتوا طول الوقت مع بعض في الشغل والبيت
كانت نظرات حاتم ملتهبة لنادين التي تستمر في تجاهله والتصرف ببرود متعمد وكأنها لا تراه فألقى بالشوكة في الصحن پعنف واستقام واقفا يجيب على خالته بصوت محتقن وعينان ثابتة على الأخرى
فور سماعها لخطواته التي تبتعد باتجاه باب المنزل نظرت له بطرف عيناها هامسة بصوت منخفض وغيرة أنثوية حاړقة
قال شو القلب وما يريد ! لك أنا راح اخنقك بإيديا ياكذاب يامخداع
في تمام الساعة السابعة مساءا
خرجت زينة من المطبخ تحمل فوق يديها كؤوس العصير وعلى ثغرها ابتسامة واسعة حتى وصلت لهم بالصالون فانحنت عليهم جميعهم واحدا تلو الآخر تمد يديها حتى يلتقطون كأس من العصير ووقفت أخيرا أمام هشام الذي حدجها بغرام لم تلاحظه للأسف ورفع يده يلتقط كأس العصير الخاص به لتعود زينة لمقعدها تجلس فوقه ويبدأون في تبادل الأحاديث الممتعة فيما بينهم وتارة يبادلهم هو وتارة يكتفى بتأمله لمعشوقة قلبه
عقبال ما نفرح بيك كدا ياهشام ياحبيبي
ابتسم لها بمرارة وألقى نظرة سريعة على زينة التي تتابعهم
بابتسامتها العريضة ثم تنهد بثقل مغمغما
والله أنا حاولت يامرات خالي بس واضح إني مليش حظ في موضوع الجواز ده
ميرفت بمداعبة وضحكة دافئة
هدرت زينة بمشاكسة غامزة له بلؤم
ميغركمش شكله ده مش ساهل ممكن يكون متجوز من ورانا في المانيا والله
رغم جملتها السخيفة إلا أنه ضحك وبادلها مشاكستها يجيب بسخرية
طيب أنا راضي ذمتك ده منظر واحد متجوز !!
إجابته ضاحكة
الحقيقة لا
قطع حديثهم صوت رنين الباب فهمت ميرفت بالنهوض لكن سبقتها زينة التي استقامت وقالت
بعينان مشرقة
خليكي ياماما ده أكيد رائد هروح أنا افتحله
طيب ياحبيبتي روحي
أسرعت زينة تجاه الباب وسط نظرات هشام التي بدأت تظلم تدريجيا ورفع يده يمسح على وجهه پعنف يجاهد في تمالك أعصابه من قبل أن يراه حتى لاحظت شقيقته الجالسة بجواره تبدل ملامح وجهه فعضت على شفاها بتوتر حتى سمعته ينحنى على أذنها ويهمس بغيظ مكتوم
إنتوا كنتوا عارفين إن خطيبها جاي !!
نفت الاء مسرعة بصدق
أكيد لا يعني وأنا لو كنت اعرف كنت أول واحدة هقولك
بعد ثلاث دقائق تقريبا رآه يقترب
منهم وهو يبتسم بلطف وتسير خلفه زينة ثم بدأ يلقى التحية على الجميع وعندما وصل إليه وبسط كفه أمامه فنقل هشام نظراته المريبة بين وجهه وكفه ثم رفع يده وصافحه بقوة
احس رائد بأنه يعتصر كفه من فرط ضغطه عليه فسحب كفه بهدوء وقد اشتدت نظراته تجاه هشام كذلك وبعد أن كانت طبيعية أصبحت مشحونة بطاقات سلبية
اقترب وجلس بجوار زينة ثم عادوا جميعهم لتبادل أطراف الحديث بمرح معادا هشام الذي مهما حاول ابعاد عينيه عنهم لا يتمكن رؤيتها تجلس بجواره هكذا وتضحك معه ثم يهمس هو بأذنها بشيء
فتضحك بخفة وتجيب عليه بعفويتها الساحرة تؤلم قلبه بشدة بل وتمزقه أربا ويزيد ألمه غيرته المشټعلة بصدره التي تأكله بالبطء
بين كل آن وآن
يمسح على ذقنه مصدرا تأففا ساخنا ينفث عن نيران صدره ويجاهد بالبقاء ثابتا لاحظ رائد نظرات هشام الڼارية لهم وبفطرتهم كرجال استطاع فهمه من نظراته المتأججة بالغيرة فاحتدمت عينيه ومد يده عن عمد ليمسك بكف زينة في تملك رامقا هشام بحدة وشيء من التحذير
رغم الأجواء المتوترة التي تسيطر على الوضع إلا أنه ابتسم باستهزاء بعد نظرة رائد وبالضبط بعد دقيقة كان يستقيم واقفا عندما انهمزم أمام قلبه وفشل في تحمل رؤيته يمسك بيدها هكذا أمامه ليقول بخشونة
طيب عن أذنكم عشان ورايا مشوار ومش عايز أتأخر عليه
هدرت ميرفت مسرعة برفض
لا مشوار إيه اقعد ياهشام