رواية فردوس الشياطين بقلم مريم غريب (كاملة)
. مش هاهدا .. إطلبيلي سامح خليه يجي حالا
أنا داخل أخد دوش بسرعة .. و أكمل و هو ينطلق صوب المرحاض الملحق بالغرفة
و خلي حد يجبلي القهوة بتاعتي هنا
تنهدت وفاء و تمتمت يائسة
مافيش فايدة . لا بيرتاح و لا بيهدا أبدا . نآاار قايدة و مابتنطفيش !
تجلس يارا بجوار شكري العبيدي رئيسها في العمل تستمع بفتور إلي حواره الثقيل مثله مع الضابط
الضابط و هو يلقي بالكارت فوق مكتبه بحركة إستخفاف يا أستاذ شكري إنت مش محتاج كارت . يكفي مجيتك لحد هنا إنت شرفت القسم و الله
شكري بحبور الله يخليك يافندم متشكر
الضابط بس العيال دي لازم تتربى .. سبهملي يومين هنا و أنا هخلي سبيلهم و هراضي الأمين إللي إضرب بس بعد ما يتأدبوا شوية
معلش عشان خاطري أنا تخرجهم إنهاردة !
صمت الضابط لبرهة ثم قال بفم ممتعض
ماشي يا أستاذ شكري
عشان خاطرك إنت .. و الله ما بعملها مع حد عشان تبقي عارف بس
شكري بإمتنان متشكر يا
باشا . و إحنا كمان في الخدمة لو عوزت أي حاجة
الضابط يا سيدي ربنا يبعدنا عنكم . الصحافة بالذات إحنا في حالنا و إنتوا في حالكوا
و خرج كلا من شكري و يارا بعد أن حصلا علي وعد من الضابط بإخلاء سبيل هشام .. في المساء سيعود إلي بيته
أنا مش عارفة أشكرك إزاي يا ريس .. قالتها يارا بلهجة فاترة
لأ يا أستاذة يارا إنتي عارفة ممكن تشكريني إزاي .. التحقيق ده مهم و لازم يتغطى خصوصا إن بقيت الجرايد ماكتبتش عنه لغاية دلوقتي كله خاېف يسافر بسبب الفوضى و الإنفلات الأمني إللي هناك دي فرصتنا
شكري بجدية إنتي بالذات لازم تسافري . إنتي مش مجرد صحافية شاطرة عندي لأ . إنتي كمان أحسن مصورة في الجرنال . و يا ستي لو كنتي خاېفة من السفر لوحدك هبعت معاكي الأستاذ شمس محرر باب الحوادث و الۏفيات أهو يساعدك في كتاية التقرير هو راجل خبرة
إنت عايز توديني في داهية يافندم !
زفر شكري و قال بضيق
إسمعيني . مش عايز جدال . إللي عندي قولته
يا تسافري بكره تغطيلي التحقيقات يا تدوري علي جرنال تاني تشتغلي فيه
يارا بقي ده كلام يعني يا ريس
شكري هو ده الكلام بالنسبة لي . مهنة الصحافة لها ضريبة و الصحفي الناجح هو إللي بيكون مغامر و قلبه مېت حتي لو واحدة ست هتبقي ب راجل و حواليكي أمثلة كتير يا أستاذة يارا
ده أخر كلام عند حضرتك
زم شكري شفتاه و قال بصرامة
أيوه . و عايز ردك بكره الصبح عشان لو رفضتي ألحق أتصرف .. و أكمل بسخرية
و تلحقي إنتي كمان تشوفيلك جرنال خايب تشتغلي فيه علي كيفك و تفضلي صحفية درجة تالتة طول عمرك
عن أذنك يا أستاذة .. و رحل
صحفية درجة تالتة !!
طيب و الله لأوريك يا شارلوك هولمز إنت . هعرفك مين هي يارا الزهيري ...........
يتبع .
2
أسفار !
يخرج سفيان من الحمام مرتديا مئزره الأبيض ... ليجد فنجان القهوة الذي طلبه بإنتظاره علي الطاولة
يحتسيه كله علي ثلاثة جرعات ثم يتجه صوب خزانته الضخمة ..
عمد علي تنسيق بنطلون رمادي مع قميص أبيض يعزز تقاسيم بنيته الرياضية و أرتدي حذاء من نفس لون القميص ثم إنتقل لقسم الإكسسوارات و العطور
فإرتدي ساعة يد إبتلعت معصمه الأسمر العريض و إتخذ سلسلة فضية تدلت منها قلادة ثلاثية الأبعاد علي شكل مرساة السفينة
و أخيرا مشط شعره بخفة و رش عطره القاتم
النفاذ بغزارة ثم أسرع إلي الأسفل ...
يقابل الخادمة في طريقه لتبلغه بوصول صديقه سامح حمدان المحامي خرج سفيان إلي الشرفة مسرعا فوجد صديقه يجلس هناك و يحتسي فنجانا من الشاي
تقدم نحوه و هو يهتف
سآامح ! بنتي خرجت من المستشفى إزاي
يرد سامح و هو يضع الفنجان علي الطاولة
صباح الخير يا سفيان
سفيان بقولك بنتي خرجت من المستشفى إزاي
سامح طيب إزيك الأول !
تنهد سامح و قال مبتسما
خلاص ماتتضايقش أوي كده .. بنتك خرجت من المستشفي مع أمها . الدكتور سمحلها بالخروج رجلها بقت كويسة و مافيش داعي تقعد أكتر من كده و هي كمان إللي طلبت
سفيان و أنا قرطاس لب هنا صح
أنا قولتلك أمها ماتشوفهاش لحد معاد المحكمة حصل و لا لأ
سامح حصل يا سيدي بس دي كانت رغبة بنتك هي قبلت تشوف أمها و إنت عارف الأمريكان عندهم Democracy و حقوق إنسان و ليلة بيضة و حضرتك عربي و مسلم هيسمعوا كلامك و لا كلام أمها الأمريكانية !!
سامح بثقة ماتقلقش عليها ماتقدرش تعملها حاجة إحنا عندنا عيون برا و لا نسيت
سامح بإستنكار يعني إيه إللي بتقوله ده
ماينفعش تسافر اليومين دول شغلنا المهم و قضية عمك إللي إتقتل و إعلام وراثة و بلاوي زرقة عايز تسيب كل ده و تسافر
سفيان أه هسافر و إنهاردة إعمل إللي بقولك عليه من سكات
سامح يابني إنت ماينفعش إللي بتقوله
طيب قول لسا قضية عمك بيتحقق فيها و مش مهمة . لكن الصفقة إللي عقدناها مع الجماعة الألمان . دول مابيهزروش و إنت عارف ماينفعش نتأخر عليهم
سفيان بصرامة قلت هسافر يعني هسافر
يولعوا كلهم بجاز مايهمنيش و إنت عارف بردو .. ثم قام مكملا
أنا طالع أجهز شنطتي تكون جهزتلي رحلة علي هناك
و أعمل حسابك هتيجي معايا
و لم يعطيه سفيان فرصة للإعتراض فمضي مسرعا إلي الداخل و صعد لغرفته
إصطدم بأخته بالأعلي لتسأله
إيه يا سفيان ماشي متلهوج كده ليه
سفيان مستعجل . ورايا مشوار
وفاء بإستغراب مشوار تاني رايح فين المرة دي
سفيان بصوته القوي
رايح أجيب بنتي !
يا حبيبة قلبي . يا روحي يا غالية يا بنت الغالية
مش عارفة أعملك إيه يا ريري بس فرحتي بيكي ماتتوصفش ربنا يخليكي لينا يا رب
يارا بإبتسامة متكلفة
ماتقوليش كده يا خالتو أنا ماعملتش حاجة بالعكس ده واجب عليا .. ثم نظرت نحو هشام و أكملت
أهم حاجة بس الأستاذ ده يتعلم من غلطه و يمشي عدل بعد كده
نظرت سعاد لأبنها و قالت بغيظ
ده الأستاذ ده له حساب تاني معايا .. و رحمة أبوك يا هشام ما هطول مني مليم و عربيتك إنساها هديها لأخوك كريم و المدرسة كمان مانتش رايحها
هشام نعم ! إيه إللي بتقوليه ده يا ست الكل
مافيش الكلام ده إنتي بتكلمي عيل صغير !!
لحد ما تتعدل و أشوف ده بعيني
هشام بنظرات محتقنة
بقي كده يا ماما !
سعاد كده يا روح أمك و إن كان عجبك
هشام مآاااشي . بس إبقي إفتكريها .. و ذهب إلي غرفته
لتسمعه يارا يصفق الباب پعنف تهتز له الأبدان ..
خبطة في نفوخك إن شاء الله يا قليل الآدب .. قالتها سعاد بصوتها الجهوري
فضحكت يارا بخفة و قالت
طيب عن إذنك بقي يا خالتو . همشي عشان إتأخرت علي ماما
سعاد بلطف جم
يارا بضيق معلش يا خالتو لازم أمشي
مرة تانية إن شاء الله
سعاد طيب إستني أنا كنت عايزة أسألك سؤال
ردك إيه يا حبيبتي علي الموضوع إللي أمك كلمتك فيه
نظرت يارا لخالتها و قالت بجدية
بصي يا خالتو
أولا أنا مش بفكر في الجواز الفترة دي نهائي . ثانيا أحمد زي أخويا إحنا إتربينا سوا و أنا مش هقدر أبصله من منظور تاني
سعاد و قد تلاشت إبتسامتها
يعني إيه بترفضي إبني يا يارا !!
يارا يا خالتو بليز ماتزعليش مني
بس أنا من حقي إختار الراجل إللي هتجوزه . أهم حاجة عايزاها في الإنسان إللي هرتبط بيه
سعاد يا بنتي دي إشاعات و الله إشاعآاات
إنتي بتصدقي كلام الناس طب و الله و ما ليكي عليا يمين احمد هو إللي كلمني عليكي بنفسه . يابنتي إنتي ناسية من و إنتوا أد كده و هو لازق فيكي ده طول عمره بيحبك
يارا بإبتسامة باهتة
طيب خلاص يا خالتو أوعدك هفكر في الموضوع تاني
يلا بقي سلام
سعاد مع السلامة يا غالية . إبقي طمنيني لما توصلي
خرجت يارا من بيت خالتها و هي تتنفس الصعداء
يارا أيوه يا ماما .. أه وصلت البيه .. أيوه خالتو فرحانة أوي
المهم يا ماما إسمعيني . عايزاكي تدخلي تحضريلي شنطة هدوم صغيرة كده .. مسافرة الفيوم أغطي تحقيق للجرنال
هاروح أحجز تذكرة القطر دلوقتي .. لازم أسافر الليلة دي عشان أكون هناك الصبح إن شاء الله
.. حاضر . مش هتأخر .. سلام !
مطار العاصمة واشنطن مقاطعة كولومبيا الولايات المتحدة الأمريكية ... كان فرق التوقيت واضحا
عندما نظر سفيان في ساعة يده فوجدها تشير للحادية عشر مساء بتوقيت القاهرة بينما في ساعة المطار الضخمة تشير إلي الخامسة صباحا
ضبط ساعته علي التوقيت الحالي ثم إلتفت إلي سامح قائلا
العربية وصلت يا سامح
سامح أيوه يا عم وصلت و الشنط طلعت
يلا بينا
أهلا بكما ! .. قالها المحامي الإنجليزي بلغته الأم و تابع و هو يصافح سفيان بحرارة
سيد سفيان . سعدت بلقائك كثيرا
سفيان ماضيا بإنجليزيته الممتازة
سعدت بلقائك أيضا سيد چورچ
أخبرني من فضلك . كيف حال إبنتي
چورچ إنها في أحسن صحة . سترى بنفسك
بيت السيدة ستيلا لا يبعد كثيرا عن هنا . سنكون هناك في غضون خمسة عشر دقيقة
سفيان حسنا جدا
و أعطي چورچ للسائق الأمر بالإنطلاق لتتجه السيارة إلي بيت السيدة ستيلا براون زوجة سفيان الداغر السابقة ..
ففتحت ستيلا بنفسها
سيدة في منتصف الثلاثينيات بيضاء نحيلة متوسطة القامة شعرها الأشقر الناعم يصل إلي كتفيها و عيناها الزرقاء باهتة تحيط بها الهالات الناجمة عن السمۏم التي تتناولها
ما أن رأت ستيلا زوجها السابق حتي إبتسمت ساخرة و قالت
كنت أعلم إنك ستأتي في أسرع وقت . كيف حالك يا عزيزي
أظلمت نظرات سفيان و لمحت ستيلا في وجهه هبوب عاصفة مدمرة لا تبقي و لا تذر ..
ستيلا .. جئت لآخذ إبنتي !
ستيلا بإستخفاف فلتأخذها طبعا و لا داعي للمحاكم و القضايا . إنها إبنتك أيضا
لقد كبرت و أصبحت بحاجة إليك أكثر مني .. و أكملت بمكر
و لكن بشروط يا حبيبي .. تفضلوا بالدخول أولا
و أفسحت لهم مجالا